تعريف العولمة
لقد اصبحت العولمة حديث الناس في كل مكان خاصه هذه الايام، وكثرت حولها المصطلحات والتعريفات التي تجري على الالسن والاقلام ولعل اكثر هذه المصطلحات شيوعا هو ان العالم اصبح قريه صغيره وهو تعريف فيه الكثير من الحق.
فقد اصبح العالم مكاناً صغيراً بفضل الإتصالات الحديثه والقدره على تبادل المعارف و الإنتقال من مكان الى آخر وإستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة ولكن هذا التواصل تقابلة نزعه واضحه إلى التشبث بالقوميه وبالغه مهما يكن انتشارها محدوداً وكأنما تقابل بعض الشعوب لهذه النزعه سلطان العولمه الذي يعتمد في المقام الأول على السياده في الإقتصاد والصناعه والتجاره والنفوذ السياسي وتلوذ الشعوب بقوميتها وتراثها ولغتها كيلاتذوب وتصبح قطره في ذلك المد الجارف والامثله كثيره على هذا الاتجاه في دول البلقان وغيرها.
عناصر العولمة
العولمة تتكون من الثالث العناصر الرئسية التاليه :
1. تعميم الرأسماليه
ان التغلب الأسماليه على الشيوعه جعلها تعمم مبادئها على كل المجتمعات الاخر، فأصبحت قيم السوق ، والتجاره الحره ، والانفتاح الاقتصادي ، والتبادل التجاري ،وانتقال السلع ورؤوس الاموال، وتقنيات الانتاج والاشخاص والمعلومات هي القيم الرئجه، وتقود أامريكا وتفرضها عن طريق مؤسسات البنك الدولي، وغيرها من المؤسسات العالميه التابعه للامم المتحده، وعن طريق الاتفاقيات العالميه التى تقرها تلك المؤسسات كإتفاقية الجات وغيرها.
2. القطب الواحد
تفردت امريكا بقيادة العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتفكيك منظومته الدوليه، ومن الجدير بالملاحظه انه لم تبلغ امبراطورية في التاريخ بقوة امريكا العسكريه والاقتصاديه، مما يجعل هذا التفرد خطيرا على الاخرين في كافة المجالات الاقتصاديه والثقافيه والاجتماعيه ... إلخ.
3. ثورة التقنيات والمعلومات
مرت البشريه بعدة ثورات علميه منها ثورة البخار والكهرباء والذره وكان اخرها الثوره العلميه والتكنولوجيه والخاصه بالتطورات المدهشه في عالم الكمبيوتر، وتوصل الكبيوتر الحالي الى إجراء أكثر من ملياري عمليه مختلفه في الثانيه الواحدة وهو الامر الذي كان يستغرق الف عام لإجرائه في السابق، اما المجال الآخر من هذه الثورة فهو التطورات المثيره في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تتيح للأفراد والدول والمجتمعات للإرتباط بعدد لا يحصى من الوسائل التي تتراوح بين الكبلات الضوئيه والفاكسات ومحطات الاذاعة والقنوات التلفزيونيه الأرضية والفضائية التي تبث برامجها المختلفه. بالإضافة إلى أجهزة الكمبيوتر والبريد الإلكتروني وشبكات الإنترنت التي تربط العالم بتكاليف اقل وبوضوح اكثر على مدار الساعه، ولقد تحولت تكنولوجيا المعومات إلى أهم مصدر من مصادر الثروة أو قوة من القوى الاجتماعية والسياسية والثقافية الكاسحة في عالم اليوم.
الجذور التاريخيه للعولمة
ان تحليل الجذور التاريخيه اظاهرة العولمة يوضح قيامها ، منذ بدايتها الاولى ،على عالم الاقتصاد والسياسه ، فقد بدأ مفهوم رأس المال البزوغ مع تهميش السلطه ،وتزايد حركة التجاره الذي اسهم في كسر العزله الاقتصادية، على صعيد الكره الارضيه ، استرعى هذا كل انتباه القوميات ، فكان ان التقت القوميات ورؤس الاموال ، مما اتاح الفرصة لانفتاح الاقتصاديات القوميه على ديناميكية العلاقات التجارية، وتوحيد الاسواق الداخلية.
وقد شهد القرن التاسع عشر أوج الاقتصاد، ولم يكن قد بلغ حد العولمة بعد، انما امتد عالمياً الى حد بعيد والنتيجة أن اصبحت التأثيرات الاقتصاديه لهذه العولمة لاسيما في الوقت الحالي أكثر حدة ووضوحا منها على الثقافات القوميه. وفي الجال السياسي ثمة ظاهره تشكل العولمة، وهي تتكون من حركات سياسيه، تعمل على مستوى عالمي.
ومن هنا فالعولمة بمفهوم الطرح الغربي والامريكي، والذي يسعى الغرب الى ترويجه بشتى الوسائل التكنولوجيه الحديثه، هي محاولة فرض نموذج معين للثقافه. ويمكن القول بأن العولمة الثقافيه نتيجة حتمية وملازمتها للعولمه الاقتصاديه. لكن الثقافه المقصود بها في شعار العولمة هي الثقافه "الاستهلاكيه" الموجهه اساسا لدعم العمل الاقتصادي والتجاري، فهي تخص عالم الموضات والفنون بمختلف اشكالها.
وبعد ذلك انتقل مفهوم العولمة من الفضاء الاقتصادي والسياسي الى الفضاء الاقتصادي والسياسي الى الفضاء الثقافي والاعلامي والادبي أو مايعرف ب "عالمية الادب"، ومايعرف بالثقافه الشامله أو "القريه الصغيره"أو المجتمع الكوني "الكوزموبوليتي"، الذي يكمن وراء انتشار الثقافات والتدخل الحضاري بين الشعوب.
ويمكن ان نعتبر الولايات المتحده الامريكيه البلد الاكثر انفتاحا على العالم والاكثر حضورا فيه، فلذلك ان الحضور العالمي على الصعيد الامريكي يؤكد ظاهرة العولمة، حيث يتوافق صطلح "العولمة" مع معنى "الامركة" بحيث اضحى يتم النظر الى العولمة على انها قادمه من امريكا، فالعولمة اذن بصدد جعل بقية العالم شبيها بعض الشيء بامريكا خيرا وشرا.
أبرز اخطار العولمة وكيفية مواجهتها
للعولمة اخطار كثيرة ومختلفة على الدولة والفرد ومن ابرز هذه الاخطار مايلي:
الخطر الأول: إحياؤها مجتمع الخمس وإفقارها أربعة أخماس المجتمع الآخرين
ستؤدي العولمة إلى تشغيل خمس المجتمع وستستغني عن الأربع الأخماس الآخرين نتيجة التقنيات الجديدة المرتبطة بالكمبيوتر فخمس قوة العمل الكافيةلإنتاج جميع السلع، وسيدفع ذلك بأربعة أخماس المجتمع إالى حافة الفقر والجوع، ومن مخاطر العولمة ايضاً قضاؤها على حلم مجتمع الرفاه، وقضاؤها على الطبقة الوسطى التي هي الأصل في احداث الإستقرار الاجتماعي، وفي إحداث النهضة والتطور الاجتماعي، ومن مخاطرها ايضاً دفعها بفئات اجتماعية متعددة إلى حافة الفقر والتهميش، فيكون هناك تفاوت بين الطبقات في كل دولة حيث يستأثر قلة من السكان بالشطر الأعظم من الدخل الوطني والثروة القومية، في حين يعيش أغلبية السكن على الهامش.
كذلك من الملاحظ ان ظاهرة فتح الأبواب على مصراعيها أمام التجارة الحرة باسم حرية السوق قد رافقتها نسبة مهولة من ازدياد الجريمة، فقد ارتفع حجم المبيعات في السوق العالمية لمادة الهيرويين إلى عشرين ضعفاً خلال العقدين الماضيين، أما المتاجره بالكوكايين فقد ازدادت خمسين مرة.
ويمكن أن نواجه خطر العولمة هذا من خلال تحقيق السوق العربية المشتركة وغيرها من المؤسسات العربية والإسلامية المنبثقة عن الجامعة العربية ومؤتمر القمة الإسلامي هذا على المستوى الخارجي، أما على المستوى الداخلي لكل دولة فيمكن أن نواجهه بزيادة التكافل الاجتماعي الذي ترعاه الدولة، وزيادة الرعاية الاجتماعية، والتأمينات الاجتماعية وتقوية المجتمع المدني، وتعزيز المشاعر الدينية.
الخطر الثاني: الأمركة
الأمركة هي الخطر الثاني، ومما يساعد على الأمركة انفراد الولايات المتحدة بالعالم، واعتبارها القطب الواحد الذي انتهت إليه الأوضاع السياسية في العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، والامركة تعني انتشار الازياء والموسيقى والأكل الأمريكي، وتكون نتيجة ذلك إلغاء الهوية الثقافية، ولكن أخطر ما في الأمركة نسبية الحقيقة التي تقوم عليها، وهي التصادم تصادماً مباشراً مع ثوابت الدين الاسلامي المستمدة من النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة، لذلك نجد أن قوى الأمركة تدعم كل من يروج لنسبية الحقيقة، ومن امثال رواد الأمركة العرب هو نصر حامد أبو زيد الذي تناول امور عقائدية كالكرسي والعرش والميزان والصراط والملائكة والجن والشياطين والسحر والحسد ... إلخ. وفسرها على انها الفاظ مرتبطة بواقع ثقافي معين، ويجب أن نفهمها على ضوء واقعها الثقافي، واعتبر أن وجودها الذهني السابق لا يعني وجودها العيني، وقد أصبحت ذات دلالات تاريخية.
ويمكن ان نواجه خطر العولمة هذا من خلال التمسك بالدين الاسلامي والاخذ من الحضاره الغربية مايتناسب مع معتقداتنا والدينية ومنهجنا الإسلامي.
الخطر الثالث: ثورة التقنيات والمعلومات
ما زالت ثورة التقنيات والمعلومات بأبعادها الجديدة مجهولة النتائج على البشرية إلى حد كبير وبالذات فيما يتعلق بالهندسة الوراثية، وإن كانت ذات نتائج إيجابية في مجالات كثيرة.
العولمه بين الاسلام والمسلمين
والان نتعرف على العولمه من خلال الخطاب الاسلامي. لقد اكد الاسلام على ان الناس جميعا امه واحدة، تجمعها الانسانية وان فرقتها الاهواء والمصالح، قال تعالى "كان الناس امة واحدة فبعث الله النبين مبشرين ومنذرين".
وان خلق الناس شعوبا وقبائل لم يكن ليتقاتلوا، ولكن ليتعارفوا ويتعاونوا، قال تعالى "يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم" . فليس فب الاسلام اختلاف في المعامله بسبب اختلاف اللون، وان التفاوت بين الناس بالعمل لا باللون والقوميه والاقليمية، ليكون العدل هو السائد. كما اقر الاسلام للإنسان ان يعمر الارض ويستثمرها ويسير في طريق اصلاحها، قال تعالى: "هو انشأكم من الارض واستعمركم فيها" ، كما ان الشموليه الانسانيه العالميه تعين الناس على التواصل والتعاون في اقتسام الطيبات، حتى يكون العالم كله سوقا للعمل، وسوقا للإنتاج، ومجالا للتبادل والتداول. فرسالة الاسلام الى الانسان تعميريه، طاليه منه التنقل في ارجاء الارض للإستثمار ولغيره طالبه منه التعاون مع الآخرين، مع استخدام اسلوب الحوار وتشكيل القناعة "ادع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظه الحسنه وجادلهم بالتي هي احسن".
وبناء على ما تقدم يمكن القول: بان الاسلام له رؤيته الخاصة العالميه، وبذلك ينفصل عن اشكالية العولمه- فهو بعكس النظام الغربي- وبذا يتعزز المستقبل في العالم الحديث لصالح مبادىء الاسلام، لانه يقود العالم كله الى الخلاص بعد فشل رأس المال، وفشل الشيوعية، وقصور العقائد الدينيه الاخرى عن تدارك احوال المعاش وتدبير الحلول للجماعات الانسانية ومشكلات الاجتماع والاقتصاد وما يتفرع عنها من مشكلات الاخلاق والآداب.
هذا من جهة الإسلام وما يحمله من مبادئ وقيم روحية يمكن ان تساهم في حل اشكاليات العولمه المستعصيه، التي يتخوف العالم - خاصة الدول الناميه- من الشرور المصاحبه لتلك الهيمنه المصاحبة للعولمهز هذه المخاطر والمخاوف التي تحملها العولمه وتبشر بها، وتؤيد حاجة البشرية الى الاسلام، لانه يشكل شفينه النجاة.
أما علاقة المسلمين بالعولمة، فترجع الى الصراع والاحتكاك والتفاعل المستمر تاريخيا، والذي اخذ اشكالا متعددة تتراوح من التبادل الثقافي الى الحروب الصليبية، وحتى الاستعمار الغربي والهيمنة الرأسمالية الغربية. فالعولمة لدى المسلمين من خلال الرصيد التاريخي للاستعمار والتغريب، هي مشروع غربي للهيمنة.
ومن هذا المنظور يتم تحليل العولمة، ومن ثم التعامل معها، وبالتالي فان النظرة للعولمة هي امتداد للبحث عن كيفية التعامل مع الغرب من خلال تأكيد الهوية الاسلامية، إلا أن ذلك يجب ان لا يحول دون النظر للعولمة من خلال معايير موضوعية وصحيحة حتى نتمكن من ان نعرف وننكر بعيدا عن الأحكام العامه والعامية، التي سوف لا تمكننا من التعامل معها بمهارة.
فمعظم الفكر الاسلامي الحديث في حوار وصراع مع الغرب. وهذا ما حدد الاطار العام لأسئلة الفكر العربي الإسلامي الأساسية، إذ دارت الأسئله منذ الاحتكاك بالغرب: "عما يجب عليهم وعما يمكنهم أن يأخذوه عن الغرب لإحياء مجتمعهم. كما يتساءلون بأي معنى يظلون مسلمين، إذا ما تأثروا بالغرب واقتبسوا منه". وقد حاول الفكر الإسلامي الحديث إثبات قضيتين:شمولية الاسلام وإنسانيتة المتفردة، مقابل التأكيد على أزمة الحضارة الغربية بسبب الافراط في المادية والبعد عن الأخلاق والقيم، وفي ضوء ذلك يقدم المسلمون مشروعهم الحضاري الذي يعتبرونه صالحاً لكل زمان ومكان. كما اهتم الفكر الإسلامي بتقديم عالميه اسلاميه تتشابك مع عولمة الغرب حسب التصور الإسلامي. ويصل باحث إسلامي الى القول: وأنا أزعم أن في الاسلام عقائد وتعاليم تشكل مذهباً إسلامياً في العولمة يمكن إذا قارناه بالنظريات الاخرى، أن يظهر تفوقه. فالقرآن الكريم رسالة للبشر كافة، أو هو رسالة عالمية لكل الأجناس والأمم التي تعيش على كوكب الأرض، وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى للنبي- صلى الله عليه وسلم - "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" .
لقد اصبحت العولمة حديث الناس في كل مكان خاصه هذه الايام، وكثرت حولها المصطلحات والتعريفات التي تجري على الالسن والاقلام ولعل اكثر هذه المصطلحات شيوعا هو ان العالم اصبح قريه صغيره وهو تعريف فيه الكثير من الحق.
فقد اصبح العالم مكاناً صغيراً بفضل الإتصالات الحديثه والقدره على تبادل المعارف و الإنتقال من مكان الى آخر وإستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة ولكن هذا التواصل تقابلة نزعه واضحه إلى التشبث بالقوميه وبالغه مهما يكن انتشارها محدوداً وكأنما تقابل بعض الشعوب لهذه النزعه سلطان العولمه الذي يعتمد في المقام الأول على السياده في الإقتصاد والصناعه والتجاره والنفوذ السياسي وتلوذ الشعوب بقوميتها وتراثها ولغتها كيلاتذوب وتصبح قطره في ذلك المد الجارف والامثله كثيره على هذا الاتجاه في دول البلقان وغيرها.
عناصر العولمة
العولمة تتكون من الثالث العناصر الرئسية التاليه :
1. تعميم الرأسماليه
ان التغلب الأسماليه على الشيوعه جعلها تعمم مبادئها على كل المجتمعات الاخر، فأصبحت قيم السوق ، والتجاره الحره ، والانفتاح الاقتصادي ، والتبادل التجاري ،وانتقال السلع ورؤوس الاموال، وتقنيات الانتاج والاشخاص والمعلومات هي القيم الرئجه، وتقود أامريكا وتفرضها عن طريق مؤسسات البنك الدولي، وغيرها من المؤسسات العالميه التابعه للامم المتحده، وعن طريق الاتفاقيات العالميه التى تقرها تلك المؤسسات كإتفاقية الجات وغيرها.
2. القطب الواحد
تفردت امريكا بقيادة العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتفكيك منظومته الدوليه، ومن الجدير بالملاحظه انه لم تبلغ امبراطورية في التاريخ بقوة امريكا العسكريه والاقتصاديه، مما يجعل هذا التفرد خطيرا على الاخرين في كافة المجالات الاقتصاديه والثقافيه والاجتماعيه ... إلخ.
3. ثورة التقنيات والمعلومات
مرت البشريه بعدة ثورات علميه منها ثورة البخار والكهرباء والذره وكان اخرها الثوره العلميه والتكنولوجيه والخاصه بالتطورات المدهشه في عالم الكمبيوتر، وتوصل الكبيوتر الحالي الى إجراء أكثر من ملياري عمليه مختلفه في الثانيه الواحدة وهو الامر الذي كان يستغرق الف عام لإجرائه في السابق، اما المجال الآخر من هذه الثورة فهو التطورات المثيره في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تتيح للأفراد والدول والمجتمعات للإرتباط بعدد لا يحصى من الوسائل التي تتراوح بين الكبلات الضوئيه والفاكسات ومحطات الاذاعة والقنوات التلفزيونيه الأرضية والفضائية التي تبث برامجها المختلفه. بالإضافة إلى أجهزة الكمبيوتر والبريد الإلكتروني وشبكات الإنترنت التي تربط العالم بتكاليف اقل وبوضوح اكثر على مدار الساعه، ولقد تحولت تكنولوجيا المعومات إلى أهم مصدر من مصادر الثروة أو قوة من القوى الاجتماعية والسياسية والثقافية الكاسحة في عالم اليوم.
الجذور التاريخيه للعولمة
ان تحليل الجذور التاريخيه اظاهرة العولمة يوضح قيامها ، منذ بدايتها الاولى ،على عالم الاقتصاد والسياسه ، فقد بدأ مفهوم رأس المال البزوغ مع تهميش السلطه ،وتزايد حركة التجاره الذي اسهم في كسر العزله الاقتصادية، على صعيد الكره الارضيه ، استرعى هذا كل انتباه القوميات ، فكان ان التقت القوميات ورؤس الاموال ، مما اتاح الفرصة لانفتاح الاقتصاديات القوميه على ديناميكية العلاقات التجارية، وتوحيد الاسواق الداخلية.
وقد شهد القرن التاسع عشر أوج الاقتصاد، ولم يكن قد بلغ حد العولمة بعد، انما امتد عالمياً الى حد بعيد والنتيجة أن اصبحت التأثيرات الاقتصاديه لهذه العولمة لاسيما في الوقت الحالي أكثر حدة ووضوحا منها على الثقافات القوميه. وفي الجال السياسي ثمة ظاهره تشكل العولمة، وهي تتكون من حركات سياسيه، تعمل على مستوى عالمي.
ومن هنا فالعولمة بمفهوم الطرح الغربي والامريكي، والذي يسعى الغرب الى ترويجه بشتى الوسائل التكنولوجيه الحديثه، هي محاولة فرض نموذج معين للثقافه. ويمكن القول بأن العولمة الثقافيه نتيجة حتمية وملازمتها للعولمه الاقتصاديه. لكن الثقافه المقصود بها في شعار العولمة هي الثقافه "الاستهلاكيه" الموجهه اساسا لدعم العمل الاقتصادي والتجاري، فهي تخص عالم الموضات والفنون بمختلف اشكالها.
وبعد ذلك انتقل مفهوم العولمة من الفضاء الاقتصادي والسياسي الى الفضاء الاقتصادي والسياسي الى الفضاء الثقافي والاعلامي والادبي أو مايعرف ب "عالمية الادب"، ومايعرف بالثقافه الشامله أو "القريه الصغيره"أو المجتمع الكوني "الكوزموبوليتي"، الذي يكمن وراء انتشار الثقافات والتدخل الحضاري بين الشعوب.
ويمكن ان نعتبر الولايات المتحده الامريكيه البلد الاكثر انفتاحا على العالم والاكثر حضورا فيه، فلذلك ان الحضور العالمي على الصعيد الامريكي يؤكد ظاهرة العولمة، حيث يتوافق صطلح "العولمة" مع معنى "الامركة" بحيث اضحى يتم النظر الى العولمة على انها قادمه من امريكا، فالعولمة اذن بصدد جعل بقية العالم شبيها بعض الشيء بامريكا خيرا وشرا.
أبرز اخطار العولمة وكيفية مواجهتها
للعولمة اخطار كثيرة ومختلفة على الدولة والفرد ومن ابرز هذه الاخطار مايلي:
الخطر الأول: إحياؤها مجتمع الخمس وإفقارها أربعة أخماس المجتمع الآخرين
ستؤدي العولمة إلى تشغيل خمس المجتمع وستستغني عن الأربع الأخماس الآخرين نتيجة التقنيات الجديدة المرتبطة بالكمبيوتر فخمس قوة العمل الكافيةلإنتاج جميع السلع، وسيدفع ذلك بأربعة أخماس المجتمع إالى حافة الفقر والجوع، ومن مخاطر العولمة ايضاً قضاؤها على حلم مجتمع الرفاه، وقضاؤها على الطبقة الوسطى التي هي الأصل في احداث الإستقرار الاجتماعي، وفي إحداث النهضة والتطور الاجتماعي، ومن مخاطرها ايضاً دفعها بفئات اجتماعية متعددة إلى حافة الفقر والتهميش، فيكون هناك تفاوت بين الطبقات في كل دولة حيث يستأثر قلة من السكان بالشطر الأعظم من الدخل الوطني والثروة القومية، في حين يعيش أغلبية السكن على الهامش.
كذلك من الملاحظ ان ظاهرة فتح الأبواب على مصراعيها أمام التجارة الحرة باسم حرية السوق قد رافقتها نسبة مهولة من ازدياد الجريمة، فقد ارتفع حجم المبيعات في السوق العالمية لمادة الهيرويين إلى عشرين ضعفاً خلال العقدين الماضيين، أما المتاجره بالكوكايين فقد ازدادت خمسين مرة.
ويمكن أن نواجه خطر العولمة هذا من خلال تحقيق السوق العربية المشتركة وغيرها من المؤسسات العربية والإسلامية المنبثقة عن الجامعة العربية ومؤتمر القمة الإسلامي هذا على المستوى الخارجي، أما على المستوى الداخلي لكل دولة فيمكن أن نواجهه بزيادة التكافل الاجتماعي الذي ترعاه الدولة، وزيادة الرعاية الاجتماعية، والتأمينات الاجتماعية وتقوية المجتمع المدني، وتعزيز المشاعر الدينية.
الخطر الثاني: الأمركة
الأمركة هي الخطر الثاني، ومما يساعد على الأمركة انفراد الولايات المتحدة بالعالم، واعتبارها القطب الواحد الذي انتهت إليه الأوضاع السياسية في العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، والامركة تعني انتشار الازياء والموسيقى والأكل الأمريكي، وتكون نتيجة ذلك إلغاء الهوية الثقافية، ولكن أخطر ما في الأمركة نسبية الحقيقة التي تقوم عليها، وهي التصادم تصادماً مباشراً مع ثوابت الدين الاسلامي المستمدة من النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة، لذلك نجد أن قوى الأمركة تدعم كل من يروج لنسبية الحقيقة، ومن امثال رواد الأمركة العرب هو نصر حامد أبو زيد الذي تناول امور عقائدية كالكرسي والعرش والميزان والصراط والملائكة والجن والشياطين والسحر والحسد ... إلخ. وفسرها على انها الفاظ مرتبطة بواقع ثقافي معين، ويجب أن نفهمها على ضوء واقعها الثقافي، واعتبر أن وجودها الذهني السابق لا يعني وجودها العيني، وقد أصبحت ذات دلالات تاريخية.
ويمكن ان نواجه خطر العولمة هذا من خلال التمسك بالدين الاسلامي والاخذ من الحضاره الغربية مايتناسب مع معتقداتنا والدينية ومنهجنا الإسلامي.
الخطر الثالث: ثورة التقنيات والمعلومات
ما زالت ثورة التقنيات والمعلومات بأبعادها الجديدة مجهولة النتائج على البشرية إلى حد كبير وبالذات فيما يتعلق بالهندسة الوراثية، وإن كانت ذات نتائج إيجابية في مجالات كثيرة.
العولمه بين الاسلام والمسلمين
والان نتعرف على العولمه من خلال الخطاب الاسلامي. لقد اكد الاسلام على ان الناس جميعا امه واحدة، تجمعها الانسانية وان فرقتها الاهواء والمصالح، قال تعالى "كان الناس امة واحدة فبعث الله النبين مبشرين ومنذرين".
وان خلق الناس شعوبا وقبائل لم يكن ليتقاتلوا، ولكن ليتعارفوا ويتعاونوا، قال تعالى "يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم" . فليس فب الاسلام اختلاف في المعامله بسبب اختلاف اللون، وان التفاوت بين الناس بالعمل لا باللون والقوميه والاقليمية، ليكون العدل هو السائد. كما اقر الاسلام للإنسان ان يعمر الارض ويستثمرها ويسير في طريق اصلاحها، قال تعالى: "هو انشأكم من الارض واستعمركم فيها" ، كما ان الشموليه الانسانيه العالميه تعين الناس على التواصل والتعاون في اقتسام الطيبات، حتى يكون العالم كله سوقا للعمل، وسوقا للإنتاج، ومجالا للتبادل والتداول. فرسالة الاسلام الى الانسان تعميريه، طاليه منه التنقل في ارجاء الارض للإستثمار ولغيره طالبه منه التعاون مع الآخرين، مع استخدام اسلوب الحوار وتشكيل القناعة "ادع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظه الحسنه وجادلهم بالتي هي احسن".
وبناء على ما تقدم يمكن القول: بان الاسلام له رؤيته الخاصة العالميه، وبذلك ينفصل عن اشكالية العولمه- فهو بعكس النظام الغربي- وبذا يتعزز المستقبل في العالم الحديث لصالح مبادىء الاسلام، لانه يقود العالم كله الى الخلاص بعد فشل رأس المال، وفشل الشيوعية، وقصور العقائد الدينيه الاخرى عن تدارك احوال المعاش وتدبير الحلول للجماعات الانسانية ومشكلات الاجتماع والاقتصاد وما يتفرع عنها من مشكلات الاخلاق والآداب.
هذا من جهة الإسلام وما يحمله من مبادئ وقيم روحية يمكن ان تساهم في حل اشكاليات العولمه المستعصيه، التي يتخوف العالم - خاصة الدول الناميه- من الشرور المصاحبه لتلك الهيمنه المصاحبة للعولمهز هذه المخاطر والمخاوف التي تحملها العولمه وتبشر بها، وتؤيد حاجة البشرية الى الاسلام، لانه يشكل شفينه النجاة.
أما علاقة المسلمين بالعولمة، فترجع الى الصراع والاحتكاك والتفاعل المستمر تاريخيا، والذي اخذ اشكالا متعددة تتراوح من التبادل الثقافي الى الحروب الصليبية، وحتى الاستعمار الغربي والهيمنة الرأسمالية الغربية. فالعولمة لدى المسلمين من خلال الرصيد التاريخي للاستعمار والتغريب، هي مشروع غربي للهيمنة.
ومن هذا المنظور يتم تحليل العولمة، ومن ثم التعامل معها، وبالتالي فان النظرة للعولمة هي امتداد للبحث عن كيفية التعامل مع الغرب من خلال تأكيد الهوية الاسلامية، إلا أن ذلك يجب ان لا يحول دون النظر للعولمة من خلال معايير موضوعية وصحيحة حتى نتمكن من ان نعرف وننكر بعيدا عن الأحكام العامه والعامية، التي سوف لا تمكننا من التعامل معها بمهارة.
فمعظم الفكر الاسلامي الحديث في حوار وصراع مع الغرب. وهذا ما حدد الاطار العام لأسئلة الفكر العربي الإسلامي الأساسية، إذ دارت الأسئله منذ الاحتكاك بالغرب: "عما يجب عليهم وعما يمكنهم أن يأخذوه عن الغرب لإحياء مجتمعهم. كما يتساءلون بأي معنى يظلون مسلمين، إذا ما تأثروا بالغرب واقتبسوا منه". وقد حاول الفكر الإسلامي الحديث إثبات قضيتين:شمولية الاسلام وإنسانيتة المتفردة، مقابل التأكيد على أزمة الحضارة الغربية بسبب الافراط في المادية والبعد عن الأخلاق والقيم، وفي ضوء ذلك يقدم المسلمون مشروعهم الحضاري الذي يعتبرونه صالحاً لكل زمان ومكان. كما اهتم الفكر الإسلامي بتقديم عالميه اسلاميه تتشابك مع عولمة الغرب حسب التصور الإسلامي. ويصل باحث إسلامي الى القول: وأنا أزعم أن في الاسلام عقائد وتعاليم تشكل مذهباً إسلامياً في العولمة يمكن إذا قارناه بالنظريات الاخرى، أن يظهر تفوقه. فالقرآن الكريم رسالة للبشر كافة، أو هو رسالة عالمية لكل الأجناس والأمم التي تعيش على كوكب الأرض، وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى للنبي- صلى الله عليه وسلم - "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" .